بقلم/ وائل قنديل
وأبوالليف لمن لا يعرفه من الجهلاء مثلى هو مطرب أو مونولوجست أو أى شىء ألقوه مثل قنبلة مسامير بدائية الصنع على كراكيب مستودع الذوق الغنائى فى مصر، فوقع انفجار هائل لا تزال أصداؤه تتردد حتى الآن.
بمحض المصادفة ــ غير السعيدة بالطبع ــ استمعت إلى مقدمة موسيقية تبدو شديدة الرصانة، أعقبها أداء غنائى شديد الجدية، حتى تخيلت أن الذى سيغنى واحد من المدافعين عن أصالة التراث الغنائى، وما هى إلا ثوانٍ معدودات حتى انقلب الموضوع إلى وصلة من التهريج والإسفاف فى الألفاظ، من عينة «الخرونج» و«الكاويرك».
وأزعم أن السيد أبوالليف هو النموذج السائد الآن فى مصر، بمعنى أنه تعبير حقيقى عن الحالة المصرية، ومن ثم ستجد ألف ألف من أبوالليف فى مجالات عديدة وليس فقط فى الغناء.
ولن تحتاج مجهودا كبيرا حتى تجده فى السياسة والصحافة والاقتصاد أيضا، كما لن تجد صعوبة فى العثور عليه فى دهاليز المجتمع المدنى والحزبى، وأستطيع أن أحصى لك عشرة أحزاب على الأقل يرأسها السيد أبوالليف، وتقدم أداء حزبيا لا يختلف إطلاقا عما يقدمه أبوالليف الأغنية، وقد طفحت شاشات الفضائيات بعدد لا بأس به من نموذج أبوالليف طوال الأسابيع الماضية مع احتدام هوجة الهجوم على محمد البرادعى وكل من تسول له نفسه الأمارة بالسوء التفكير فى خوض معترك الانتخابات الرئاسية المقبلة، حيث يجلس الواحد من هؤلاء بكامل أناقته، ناظرا إلى أسفل ذقنه للاطمئنان على انتظام رابطة عنقه، ثم يبدأ الحديث بمنتهى الجدية مستفتحا بعبارات من عينة «أنا أعتقد أن الحراك المتحرك فى الحركة السياسية النشطة الآن يحتاج إلى منظومة منتظمة ومنظمة» ثم تظهر على الشاشة جملة بارزة تفقأ عين المشاهد تقول إن المتحدث هو السيد فلان زعيم حزب كذا.. وما هى إلا لحظات ويكتشف المشاهد المسكين الذى أخذ الموضوع على أنه بجد أن المتحدث أحد أفراد جيش أبوالليف المتوافر فى مصر بكثرة هذه الأيام.
وإذا تركت شاشة التليفزيون ودققت جيدا فى تصريحات بعض السادة الوزراء الغارقة فى قاع الرطانة والتكرار الممل ستكتشف أن «أبوالليف» حاضر بقوة فيما تسمعه وتقرؤه، وإحقاقا للحق فإن المعارضة المصرية لم تنج هى الأخرى من فيروس «أبوالليف» السريع الانتشار، وما يصدر عن بعض أصوات المعارضة هذه الأيام لا يختلف كثيرا عن رائعته «أنا مش خرونج أنا كينج كونج».
وفى مجال الإعلام ستجد أكثر من «أبوالليف» تسلل إلى الشاشات واعتبر نفسه أحد رموز مصر الإعلامية التى يجب على الشعب أن يفديها بدمه ويخرج فى مظاهرات للدفاع عنها.
أما عن أبوالليف فى الصحف الحكومية فحدث ولا حرج!