لقد قدم التاريخ نماذجَ رائعةً وسجَّل مواقفَ مدهشةً حين قامت دولة الإسلام الأخلاقية:
اسمعوا ما كان يوصي به النبي- صلى الله عليه وسلم- جندَ الحقِّ المجاهدين في سبيل الله، ألا يتبعوا فارًّا من الميدان، وألا يُجهِزوا على جريحٍ، وألا يَقتلوا امرأةً ولا طفلاً ولا شيخًا، وألا يتعرَّضوا لراهب في صومعته، وألا يقطعوا شجرةً.. الله أكبر ما هذا الخلُقُ الرفيعُ؟ وما هذا الأفق السامي الوضيء؟!
واذكروا ما فعل الفاتحون المسلمون في الشام عندما أوشك الروم أن يغلبوهم على تلك الديار؟ لقد ردُّوا لأهل تلك البلاد من النصارى أموالَهم لأنهم أخذوها مقابل الدفاع عنهم وحمايتهم، فانبهر الناس بهذا الخلق وقالوا "والله لَعَدْلُكم أحبُّ إلينا من جَورهم" وقاموا معهم في مواجهة الروم حتى دحروهم وردُّوهم على أعقابهم خاسرين.
واستحضروا موقف عمرو بن العاص- رضي الله عنه- مع أرمانوسة ابنة المقوقس حاكم مصر؛ إذ وقعت في أَسْر المسلمين وقد أرسلها أبوها لتُزَفَّ إلى قسطنطين بن هرقل، فإذا بعمرو- رضي الله عنه- يطلق سراحَها ويكرمَها ويردُّها بكل ما معها إلى المقوقس في حراسةٍ من جند الله على رأسهم قيس بن أبي العاص السهمي.
وانظروا إلى صلاح الدين وهو يُرسل طبيبَه الخاصّ ليعالج قائدَ الصليبيين ريتشارد قلب الأسد، ولم يفُتْهُ أيضًا أن يرسل إليه العلاج والهدايا..
هل عرفت الدنيا في طول تاريخها وعرضه شيئًا مثل هذا..؟! إنه الإسلامُ العظيمُ بقِيَمه وحضارته وإنسانيته ورحمته.